الخميس، 11 سبتمبر 2008

اللامنتمي!


يحدث أن أستيقظ من ذهولي فجأة وأضيق كثيراً بما يحدث حولي.
منذ متى أصبح مجتمعنا منقسما بهذا القدر من الوضوح؟ أم أن ظهور الأشلاء على السطح هو الذي كشف التشوهات الخلقية التي كانت أساسا موجودة، وأخفتها ربما المساحيق التي كانت خارطتنا السياسية تتقن وضعها!
لقد عزفت عن قراءة الصحف اليومية منذ فترة واتخذت موضع "اللامنتمي"، ليس تماما بحسب تعريف كولن ولسون، وإنما بحسب تصوري الخاطئ واللاإرادي حينها بأنه (كفاية وجع دماغ)، فليس أسوء من أن تختلف الأيدلوجيات حتى في الأسرة الواحدة بينما يصر كل فرد على أنه يلازم الصواب..
أين يسند المرء ظهره في مثل هذه الضوضاء والفوضى بين من يبالغ في التحريم والتشدد وبين من يبالغ في التحرر॥

لكن المشكلة ليست هنا فقط، وليست القضية هي قضية اختلاف في الآراء والأيدولوجيات، فالمشكلة تكمن في أن كلا الطرفين ينتقد ممارسات الآخرمستميتا ويترصد له، فيما يطمح أن يكون بقية المجتمع نسخ مكررة منه ومن (أيدولوجيته)- على افتراض أنه يجانب الصواب بل أن تصوره هو مطلق الحياة السليمة كما ينبغي أن تكون!
أولا يكون لي الحق إذن في أن (لا أنتمي) لو كان الإنتنماء يعني أن أكون في أقصى اليمين أو أقصى الشمال؟

حق لأدمغتنا أن تنفجر، فقد باتت الحياة لا تتطاق، ولا أرى العقدة إلا تزداد تعقدا يصعب معه فكها!


فبين المتدينين والليبراليين يسقط الوطن في فخ المهاترات المكشوفة، والتقاذف والتراشق بالبذاءة والحنق والغضب..

بين المتدينين والليبراليين تصبح الليبرالية قبراً، بينما يستحيل الدين عقبة كبيرة!


بين المتدينين والليبراليين يترفع اللامنتمون عن الخوض في مهاترات البينية فيما تصبح السلبية سمتهم الأقوى..

وبين هؤلاء وهؤلاء يتشتت الوطن وتصبح الوحدة مطلبا آخر يضاف إلى قائمة الأحلام المؤجلة।



إلى أين يقود الوطنَ هؤلاء وهؤلاء؟ ولم لا تكون حياتنا أكثر بساطة وأقل تعقيداً؟

لم لا يكون (متحررونا) أكثر تعقلا وأقل جنونا، و لم لا يصدق (متشددونا) بأن هناك بعض الهواء النقي الذي يصح لنا تنشقه، وبأن العفة والصلاح هي ليست فقط ثيابا ترتدى!

ولم قبل كل ذلك لا تتطهر أرواحنا من كل تلك الترسبات الباطلة! من كل تلك الأقنعة ومن كل هذا الزيف، ولنفسح لنقاء أنفسنا مساحات وارفة من التفاؤل والحياة।

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

للأسف نعاني تطرفا على الجانبين، ونفتقد جدا للتسامح والقبول. ولأن أصوات المتطرفين عالية، يضيع المعتدلون في الضوضاء.

Gardi يقول...

معادلة صعبة أليس كذلك؟ أعاننا الله فموازنة العصا ليست بالأمر السهل كما يبدو..

أسعدني حضورك يا أحمد =) حللت أهلا ووطئت سهلا ..