الثلاثاء، 28 أكتوبر 2008

سفر أيوب*


لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعض الكرم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
فهل تشكر الأرض قطر المطر
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
*****
شهور طوال وهذي الجراح
تمزّق جنبي مثل المدى
ولا يهدأ الداء عند الصباح
ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى
ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:
لك الحمد، إن الرزايا ندى
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
أضمّ إلى الصّدر باقاتها
هداياك في خافقي لا تغيب
هداياك مقبولة. هاتها
*****
أشد جراحي وأهتف
بالعائدين:
ألا فانظروا واحسدوني
فهذى هدايا حبيبي
جميل هو السّهدُ أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم
ويلمس شبّاك داري سناك
جميل هو الليل أصداء بوم
وأبواق سيارة من بعيد
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
أساطير آبائها للوليد
وغابات ليل السُّهاد الغيوم
تحجّبُ وجه السماء
وتجلوه تحت القمر
وإن صاح أيوب كان النداء:
لك الحمد يا رامياً بالقدر
ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء

*بدر شاكر السياب

الأحد، 12 أكتوبر 2008

حظي!


أََحَظي..

كم ضحكتُ عليكَ

حد الموت

حتى الدمعِ..

حدّي..

وكم كلفتني بعض الدوار

وزرتَ في الحياةِ ضريحَ قبري..

وألـّبت الحشود عليَ يوماً ..

وقرَّبتَ الذي من غير ثوبي!

وألزمتَ القبيل ببعضِ إفكٍ

وأسكنتَ القساوةَ قلب أمي

أحظي هل صنيعك من فراغٍ

وهل ساومتَ بعضي بعضَ حبي

ءأشكو دمعي الحائرُ يأبى

هطولاً أو نزولاً فوق أرضي

أحظي عاثرٌ مثل الصحارى

وهل أشكو لأحد غير ربّي!

الأربعاء، 8 أكتوبر 2008

بكائية الحياة ..


بكائية الصمت:

ماذا يفعل من اعتداد اللاكينونة كي يرضي الآخرين وكي يكون مثلهم؟ يتحول الى ظل يتحرك بخيوطهم تحيك ذراته تجاويف الفراغ الممتدة في فضاءهم الفارغ.
............
على قيد الصمت..

يصعب عليها العودة إلى ماكانت عليه ذات جنون .. صعب عليها الإقرار بأنها كانت أذكى
و أقوى وأشرس حين كانت طفلة بالمعنى البيولوجي للكلمة ..
مالذي تفعله إذن حين تستيقظ فجأة لتجد عالمها قد سبقها إلى النصف الآخر من الجنون اللاأرضي
هناك حيث يلزمها عمراً بأكمله كي تصل
هناك حيث لا يكفيها تنشق مابقي لها من أنفاس كي تختصر الشهقات بين أبجدية وأخرى
لم تعد تحفل ذاكرتها بالكثير لترويه..لم يعد قلبها مخزناً لأي (داتا) .. هو فقط صندوق آخر من صناديقهاعبء آخر من أعباءها.. وتذكار لها بين حين وآخر بأنها لازالت على قيد الوجود..


..........يتبع.........




محراب الصمت..يموت
صبراً!
علمتها الأيام أن للصبر قيمة قليلة توازي قيمة الوقت المجترح في الغياب॥تحاكي المساحات اللامحدودة للأفكار المهدرة، والعد التنازلي للكينونة والصيرورة واللاوجود!
علمتها أن انتظار نضوج الخبز لا يعني بالضرورة أنه سيكون على مائدة الطعام، وأن بيع الحليب لا يعني بالضرورة شربه!

لم يكن بوسعها...
لم يكن بوسعها إذن الإمتلاء بمزيد من هواء الحياة الملوث، وبدخان الأنفس المملوءة بشيء ما لم تستطع إدراكه حتى حين
هكذا تذوقت مرارة الأشياء بطرف لسانها بدءاً من صرختها الأولى ذات يومٍ أسموه الميلاد، وأسمته هي "طعم المرارة"
ألهذا الحد يصعب العيش في هذا العالم الغريب؟ تساءلت هي وتساءلت معها مِراراً، فلابد للمرء أن يدرك أسباب تعاسته ويحاول لها بديلاً لا يشبه التجهم على الأقل!
"من أين تأتينا كل هذه الزخم الشجي وكل هذا الحزن القابع دهراً في زاوية غير قصية من تلك القلوب الرهيفة؟" لم أملك جواباً فأنا الأخرى سيدة الأحزان المستحدثة وملكة السلبية بلا منازع =) تقول لي: "شر البلية ما يُضحِك، أو ليس كذا؟"
"بلى"، أجيبها بثقة، فلم تكن تلك الابتسامات المرتسمة على جانب وجهي دوماً إلا من من وحي ذلك الذي يضحكنا من شرّه
تتقافر خراف النوم أمامي أخيراً
فلتــ ــحـ ــيا عهود الصمت على مذابح الكلام..

.... يتبع (ربما)..

السبت، 4 أكتوبر 2008

رماد



أتنشق غبار طلعهم وأنمو زهرة رمادية
تماما كما لاتنبت الزهور
ظلالي من تلاوين شفيفة
قامتي ظلٌ، رمادٌ، عتمةٌ، أوفسحة من بياض ..
أو مضغةٌ من عدم!
قللي بربك، أي لون للخيالات العتيقة؟
أي صوتٍ للأراجيح وماء النبع والعنقاء؟
ساحتي ظلٌ، رماد
من تويجاتي سأمت ومن وريقاتي سقمت
ومن ظلال الكون متٌّ
ومن يبالي إن شرقتُ برمادي أو رفاتي
أو تنشقت الغبار المرَ واختنقت رئاتي؟
من يبالي
إن نَموْتُ رشيقة أو مستديرة
طالما أني بلا لون سوى لون الرماد!
طالما أني حصيلة خِطئهم
حين صبّوا الليل في قدح النهار!