الاثنين، 4 يناير 2010

عوداً حميداً



"عوداً حميداً "!
وددت أن أقولها لأحدهم -الذي لا أعرف تماماً- لكني وجدتني أجاهد نفسي كي لا أبدأ الحديث عن نفسي مجدداً.. نعم أتحدث عن نفسي.. فأنا في كل فكرة سوداوية أراني.
هو كان يكتب عن الألم، عن الفقد، وعن أشياء غير جميلة جداً..
هو كان يخبر عن ثلاث سنوات من الغياب، وفقدان الصوت، وضياع الحس والوجهة..
وأنا كنت متأخرة عن موعد نومي بثلاث ساعات، وعن السعادة بثلاثة أعمار ربما..
كنت أيضاً أقرأه بمرارة، وبدموع تتكتل في الحلق كقطعة فولاذ، وبنية أن أكتب إليه: "عوداً حميداً، مني.. أنا القارئ الذي لم يقرأك تماماً لكنه عول على رجعتك، هل تعيد إليّ الزمن الجميل الذي لم أشهد؟ كنتُ مشتاقة إليك، ولمطر الكلمات، وكنت أساءل أصابعي كلما صفعني السكون، لماذا تأخرت نقراتك عمراً بأكمله، ولماذا توّهتني نقراتي عن هذا المكان؟!"

لكنه عاد وفي جعتبه الكثير الكثير من الحزن و "الكربون".
ربما لم يكن بوسعه سوى العودة هكذا.. فهذا في نهاية المطاف زمن الكربون وعوادم السيارات والإبتسامات البلاستيكية، هو زمن المراهم البترولية والهباب الذي يخنق مستوى التنفس والرؤية، وهو أيضاً زمن مياه الصرف الطافحة، ومداخن المصانع التي لا تبالي بقبحها أو سعال النمل في مدينتنا..
هو زمن الموت بالجملة وزمن الجُمل الميتة!


أقول، "عوداً حميداً" وأود لو أقول له أيضاً:
"أقرأك بمرارة متقدمة.. متأخرة بحوالي ثلاث ساعاتٍ ونصف عن موعد نومي المفترض.. أغص بمرارة خلفها Sweet November في جوفي وبألم يلكز خاصرتي..
هل تشبهني اليوم؟ أنا السوداوية التي يسكنها الحزن وتتطير به! ينقل إلي فيلم عابث فيروساً اسمه (الـ..) لا لن أسميه.. لكن نعم –إن كنتَ تتساءل- هو نفسه ذاك الذي ينسج بيته في زاوية من قلبك ويصبح الملك الذي دخل قريتك فأفسدها.


فقط لا تشبهني رجاءً، فأنا مدعاة للشفقة! حقاً، أنا مزرية والألم الذي يلكز خاصرتي، يلكز خاصرتي منذ نهاية "نوفمبر الجميل" فهل كان ذلك مصادفة أيضاً؟ ألا يوخزني شيء آخر في كل مرةٍ مع نهاية كل فيلم حزين؟!"


وأود لو قلت له "عوداً حميداً" فقط..

لكنني فقط لم أعد أستطيع..

أظلُ أصعد




قد تكتب عني في التاريخ
بمرارتك وأكذايبك الملتوية،
قد تسحقني جيداً في التراب،
ولكن، كما الغبار،
 سأظل أنهضُ
 وأصعد

هل تزعجكَ وقاحتي؟
ولماذا تبدو هكذا مغموماً بالكآبة؟
هل لأنني أمشي وكأن عندي آبار نفطٍ
تضخ في غرفة معيشتي؟

تماماً كالشموسِ والأقمار،
وبيقين المدِ والجزر،
تماماً
كما تثِبُ الآمالُ عالياً،
أظل أصعدْ

هل أردتَ أن تراني مكسورةً،
رأسي مطأطئٌ وعيناي كسِيفتان،
وكتفايَ مثقلانِ ببكاء روحي،
 كدمعتينِ تسقطان.


ثم هل تزعجكَ عجرفتي؟
لاتأخذ الأمر بهذه الجديّة،
لأنني أضحكُ
 كما لو أن لديّ مناجم ذهبٍ
تُحفر
في حديقتي الخلفية.

بإمكانك أن تُرْدِيني بكلماتك
بإمكانك أن تمزقني بعينيك،
وقد تكون قتلتني ببغضك،
ولكني، تماماً كما الهواء،
سأظل أصعد


ثم هل يغيضك هذا الاستعراض الجنسيّ؟
هل يبدو لك مفاجئِاً
أنني أرقص كما لو أن الألماس
 مرصعٌ في التقاءِ فخذيّ؟


من داخل أكواخ عارِ التاريخِ
أصعد،
من الماضي المتجذرِ في الألم
أصعد
أنا محيطٌ أسود، يقفز ويتسع
يتورم وينفجر
أحتمل في المد
وأترك خلفي ليالٍ من الرعبِ والخوف

نحو انبلاجة يومٍ رائع الصفاء
أصعد
محمّلة بكلِ ما أهداه اجدادي
أصعد
أنا الحلم والأمل كل العبيد
أصعدُ
أصعدُ
أصعدْ


مايا آنجلو-