الثلاثاء، 25 أغسطس 2009

ثقوب في جدار الذات





تركن كل مايخصها جانبا لبعض الوقت، وتنفرد زمناً بأشياء غريبة:
بالدبق المصاحب للرطوبة في الهواء مثلا، بالصمت الذي يتخلل الجلبة والصراخ حولها.. بالدماء التي تستشعر حتى انزلاقها البارد في عروقها.. بالقهوة التي احتستها آخر مرةٍ منذ عام.. بالحرباء مقطوعة الذيل التي رأتها في فناء منزلهم بالأمس، وبالألم الذي يطرق معصمها والخوف الذي يتسلل وقحاً الى قلبها الليلة كمن يطلب الحقلَ الإذن بالمضي قُدماً في الإعصار!
كل الصور تتابع..
كلها..
تلك السخيفة، وتلك التي لم تعد تتذكرها أيضاً..

تظن بأن الوقت لم يعد يراها، يمشي بمحاذاتها تماماً ويحرك مروره شعراتها المتطايرة دون أن ينتبه لوجودها أو بأنها واقفة ترقب الساعة المعلقة على جدارٍ كان أبداً هناك!

كل ما تبقى منها هو تعرجات وجهها العابسة وكأنما تقلص شخصها كله في حاجبين مقرونين وتجهم أنهكها حقاً وقلب أضناه الغضب!


تود لو أنها فقط تصرخ ملء رئتيها الذابلتين، " دعوني فقط أتنفس، اتركوا لي أصغر قيمة ممكنة من الهواء وسأكون ممنونة لكم.. سأقبّل دبيب أقدامكم حتى، ولن أقاسمكم ذرة أوكسجينٍ واحدة!. أقسم!"



لكنّ أحداً لم يعد يستطيع سماع شيء منها سوى ضوضاء تصدر عن صدرها وطرق شديدٌ يتواصل هناك وكأنما ماردٌ يصارع جحيماً بالداخل!



تتنبه إلى أن الغثيان قد بدأ التسلل إلى قلبها الان، يراودها القيء عن نفسهِ لكنّها لم تعد تستطيع، إذ لم يعد من الممكن إخراجهم من هناك..

لم يعد ممكناً أبداً!




ليست هناك تعليقات: