الاثنين، 23 مارس 2009

صباحات السواد

"يتناولني الوجع كقطعة كعك شديدة الملوحة، لم أعد أقتضم وجعي بنفسي، لم تعد الأرض تتلقفني.. كل شيء لم يزل هنا يستوطن كينونة النفس الموبوءة بالنغز القاتل، بألم أبديٍٍ ينهش من جسد زمن لم يأخذ حقه تماماً في العيش. "
الساعة الرابعة فجراً..

زكامٌ ملعون يتثاءب في وجهها، يعلن عن نفسه ببكائية (جارية)، يرسل كتائب إلى ظهرها -يستند على ليلة قاسية.. لم تعد تستطيع النوم فقزمٌ ما يلتصق بجانبها الأيمن!
فقط تحمد الله أن أيسرها لازال نائما (حتى الان)..

الساعة الواخزة والخمسون بعد الألم..

تقتسم الإفطار مع الوجع على سريرها، يدير كل منهما ظهره للآخر وينتظر وليمة الوجع القادمة على مائدة تتكرر كل قليل إلا كثير!
تتململ على حافة الحلم وتنفضه عنها بابتسامة مقلوبة رأساً، تلقي نظرة على قميص أسودٍ ينتظرها على طرف الأريكة منذ الليل.. هو الوقت ليلاً مذ عرفته عيناها، هو الوقت حزينا كما الليل مذ بدأ الجميع يصرخ بها أن تكبر، مذ بدأت أعينهم تطلق شرراً وتحرق ملامح طفولة لم يزل وجهها يحملها حتى حلم أخير..
.
.
.
في صباحات معتمة إلا من ضوء ينفخ أحمره خلال ستائر غربتها، تلتقط بقايا الضوء المعتم وتكنس الأرض بحثاً عن أحرفها، عن كلمات.. فلا تلتقط سوى شظايا الصمت وزجاج نومٍ محطم على أرضية ليلة فائتة..
تضع يدها حيث الألم..
لم تعد يداها تكفيان، تحتاج لأذرع جديدة، فقط ودّت لو أنها ميدوزا.. تزدري حنقها وتواصل ..
تضع يدها حيث الألم حاضراً بشدة، تنبش بإصبعها كومة الغبار بحثا عن لغة ما.. تستحضر كلمات بصعوبة، "ساعدني يا الله، لم يعد هناك مالم أقله إلهي، لم يعد..!"
تزيح غبار وجعها جانباً، تتكوم على نفسها وتستسقي سعادة لم تعد تذكر طعمها .
فجأة تمتد يدها اليمنى لتخترق صدرها وتستخرج شيئا ما يقطر دماً، تصخ السمع إلى تكتكة واهية، تهزه بعنف، بعنف، بعنف..
يتوقف قليلا ثم يواصل أزيزاً كحشرجة ساعة إلكترونية!

على كفٍ واحدة تحمله -كما كل يوم- تفتح صنبور المياه، تلقيه تحت الماء الجاري قليلا.. ثم تتوقف أمام المرآة، تشق صدرها وتمركز الشيء اليقطر ماء هناك، فقط تحرص أن تضعه مقلوباً هذه المرة..

ترتدي قميصها الأسود، ترسم ابتسامة سوداء وتمضي..

في دربها آثار قطة، وعلى جانب ظهرها الأيمن ثقب ينز دماً!

ليست هناك تعليقات: