الاثنين، 16 مارس 2009

تشبه الغاردينيا


أتعلم؟ كم تشبهني ذات طفولة! أتبسم لحرفك كما كنتُ أتبتل أمام الحرف يوما، أنقشه نقشاً وأنحت في سنين أيامي العجاف القادمة سبعاً سرعان ما استنفدتها في شهقة واحدة!
أولو كنت أعلم أن الحياة مريرة هكذا، سارقة، موجعه وتحب أن تجعل منا (ك ب ا ر اً) وغاضبين، أو لو كنت أعلم كل ذلك، أما كنت قد خنقت شهقتي تلك، وتنفست من ثقب إبرةٍ ربما، كي ما تضيع الأنفاس سدى، كيما يتسلل ذلك الغاز إلى اوردتي، خلاياي، قلبي ، عقلي ، و وجعي، فيكبر فيني كل شيء!

كل شيء..

إلا الحب .. (الحب) سيدي...يولد كبييييييييييراً، كبيرا جداً.. ثم يصغر بداخلنا حتى يعود إلى رحم العدم

أيجوز هذا؟

"لا".. "لا".. "لا يجوز أبداً"!
ماذا إذن؟

لست أدري، المهم أنه يولد بحرفين وينتهي بالكثير من الدموع كما كل شيء آخر. وأنت سيدي، كم تشبهني ذات طفولة، حينما كنت أكتب بقلم أسود مائل الريشة، أختال بخطٍ قد بدأ يشبه نقش الكبار وأرسم بجانب كل سطر وردة أو أضع بضع نقاط.. تماما كهذه..

هكذا تماما نكون صغاراً محبين نحتفي بكل شيء جديد، بكل شيء يكبر، بكل ما تأتينا به الحياة غير مدركين بأننا نكبر أيضا و نقتل في داخلنا الحلم ونجفف الحب اليقطر جمالاً تحت شموس اللاإنسانية..

فعندما كنا صغاراً كنا نحلم، وكنا ننتظر الأحلام كي تتحقق.. ولما كبرنا بدأنا نظن بأننا أحلامنا تتجسد أمامنا

نراها على مرمى ذراع منا لكنا إن مددناها لا نصل! لا نصل

لانصل تماماً

لأن الحلم لا يعود حلما إذاما تحقق

هكذا إذا تموت الأحلام ويولد الحزن ونكفر بالحب بعدما آمنا به عمراً بأكمله

ولست أذكر، إلا أنني أظن بأني أسميت نفسي (جاردينيا) في منتصف حلمي
(جاردينيا).. تماما حين كان ألمي يتمخض عن بضع قصائد وقصة قصيرة.. وزهرة بيضاء لا أحب رائحتها تماما ولا شكلها كثيراً ولا تشبهني حتما

إنما أحببتها لأنها تشبه انبعاث الأحلام من أديم الأرض.. تولد فتموت فتولد وهكذا هي، لا تنتظر سوى انبعاثها ولا تؤمن لا بالحلم ولا بالحب

أحب اسمها أيضاً، فحين ترهقني أنوثتها، فقط اختصر اسمها فيظنني أحدهُم (أحدَهم)..

هي فقط هكذا، بيضاء محايدة فلا هي بيضاء تماما ولا هي صفراء.. ليست جميلة تماما وليست قبيحة حتما
هي فقط هناك، يحيطها الحلم والربيع والصيف والشتاء دون أن تؤمن بشيء منه بالضرورة

تشبهني سيدي ذات طفولة، وذات حروف بريئة صادقة
وذات جمال لم أعد أجده كثيراً

أما كلماتك فتشبه الحلم وتثير فيّ شهية الكلام

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

جميل جدّا هذا البوح.
الواقع انك تبدين في أجمل حالاتك عندما توغلين في الكلام والوصف. حتى وإن كان في ما تكتبينه أحيانا مسحة حزن وتشاؤم، فإن كلماتك لها قدرة غريبة على النفاذ إلى أعماق النفس والوجدان. وهذا ما أحسّ به دائما كلّما قرأت لك.
حديثك عن الغاردينيا ذكّرني، مع الفارق طبعا، ببعض الشعراء اليابانيين الذين يشبّهون الحياة بأزهار التوت البرّي التي تنمو عندهم بوفرة. هذا النوع من الأزهار ينمو ثم يذبل في ظرف يوم واحد أو يومين على الأكثر. ولو فكّرنا في هذه الحياة مثلما نفكّر في أزهار التوت البرّي فربّما نتصالح مع الكثير من الأمور التي لا تعجبنا أو لا نرتاح لها وحتما سنتعامل مع الحياة بشكل اقلّ جدّية.
مودّتي لك وكل عام وأنت بألف خير.
بروميثيوس

Gardi يقول...

عزيزي بروميثيوس،

دائما يسعدني تواجدك ويسعدني أكثر أن تجد فيما أكتب ماتحب :)واعذرني إذ لم أر تعليقك هنا إلا مؤخراً..

لست أكيدة إن كنت تقصد بأزهار التوت البري أنها نفس أشجار أزهار الكرز (الساكورا) فهذا هو الاسم الذي أعرفه بها..

أيا كان اسمها فهي من أجمل المناظر التي أتمنى رؤيتها على الطبيعة ذات يوم..
أعجبني أيضا التشبيه فلا أجمل من أن تكون الحياة مسالمة، ناعمة، وهادئة كزهرة كرز تجعل الحياة تبدو أجمل كثيراً ثم ترحل..

ربما معك حق، إن فكرت في نفسي كزهرة كرز جميلة في شجرة ساكورا في حديقة ملكية، هناك، غير معنية بشيء سوى البرودة اللطيفة والأعين الضيقة التي تحدق بي بانبهار والدفء الذي يجلبه لي كل هذا الزخم الهائل من اللون الأبيض والوردي، :) لزاماً إذن أن أكون سعيدة ولزاما أن أكون حينها أن أكون زهرة كرزٍ لا غاردينيا ^_^..


بروميثيوس،
لقلبك (ساكورا) يغشاها البياض..
كن بخير