السبت، 22 نوفمبر 2008

مطر..مطر



لليوم الثالث على التوالي يسقط المطر هنا..

إلا أنني لا أشم رائحة المطر! لا أميز تلك الرائحة الأرضية السماويه المتعذرة على الشرح لا قبل المطر ولا بعده ولا حين نزوله..
هنا للمطر صوت ارتطامه بقرميد المنازل الريفية، وصدى تردده في فراغات الأسقف الجاهزة
هنا للمطر صوت النقر على نافذة ليلية ودقات قلبي المتسارعة خوفاً من أشياء لا أدركها!
اليوم السبت، اجازة آخر الأسبوع ومع اقتراب الكريسمس، يتوافد الناس على المراكز التجارية وتزيد الحركة في الشوارع نهاراً.. كنا في السيارة شاقين طريقنا نحو أحد المراكز، عندما بدأ الغيم المبشر منذ الصباح بتفريغ حمولته تدريجيا على المساحات الممتدة تحته.. (بالمناسبة، الغيم وتشكيلات السحب هنا حكااااااااااية ثانية قد أتحدث عنها (بعدين) ^_^..)
تجمعت قطرات المطر على زجاج السيارة كجزائر صغيرة، أو كقبب من البلور وبدا كل شيء أجمل من بين قطرات الماء لولا البخار الذي بدأ يتكثف على زجاج النافذة الأمامية مانعاً الرؤية على والدي الضعيف النظر أساساً..
طبعاً وقتها كنت أعلم لم بدأت بالقلق .. غير (انو ربنا ستر) ومع تشغيل المراوح بدا الضباب ينحسر تدريجياً 
المهم.. اني حزنت لأني لم أحضر كاميرتي معي، ولأني حتى لو أحضرتها فالأرجح اني لن أحمل الصور على الجهاز لأني تعودت نقل الصور (بالبلوتوث) واللاب توب الجديد مافييييييييييه بلوتوث.. هممم (زعلانة)
تيب ماشي .. سأضع هذي التدوينه وقد أرفقها بصورة (من تصويري) لاحقاً

الخميس، 13 نوفمبر 2008

مدن ....




مدن الأمطار والتناقضات العجيبة

تغسل ذنوبها الليلية بابتسامة بريئة كل صباح

على أعتابها تتشابك أناي مع أناها

تتعارك مع أشيائها

ثم تغادر بابتسامة جانبية
* * *

مدن الصيف والليالي الساخنة

نتصبب حزناً في مساءاتها المتناسلة

تعبق الفضاءات بعفن الرطوبة الخانقة

تمسكني من أنفاسي

تركبني

وتبقى..

تبقى..

حتى شتاءات ب ع ي د ة..
****

مدن البحر وجنون العصريات

شمس وحوريات

وقصور من ورق أخضر تجتاح الشاطئ

تقتحم البحر

تتمتم بالسحر الأحمر ليلا وتغني في الصبحيات

"يا ورق الأصفر عم تذبل عم تذبل.."
****

قرى الأحزان، مدنٌ تتكاثر علناً

على أسطح الذاكرة..

تعتم في ظل القمر ووهج الشمس

سواء

عندها الحلم والأمل وقبس الظلام..

تتساقط في صباحتها الثلوج السوداء

ويندف في لياليها مطر أسود

وفي رحم الظلام

قد تنبت للفرح ملامح، ربما..

-أقول ربما- تشبه البياض..

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

أستراليا.. مجدداً!

بعد يومين من السفر الطويل، ها أنذا أخيراً في مدينة لم أحبها يوماً تماماً ولم أكرهها كذلك.. يومان إذن من الطيران الذي لا أحب، والطعام الغير مستساغ والمطبات الهوائية .. واللا نوم!
السفر الطويل، وأتذكر خالي.. ذلك الجميل الذي لا يخلو من طرافة لا يضاهيها سوى مزحه الثقيل.. كنا نعرج على منزله أحياناً عندما نضطر للتوقف يوما او بعض الوقت في مدينة الرياض (التي لا احب ايضا) وكان لا يتوانى في تلك السويعات القليلة عن بث روح القلق في أنفسنا المترقبة لشهور الغربة القارسة أصلاً.
"السفر قطعة من جهنم" يقولها ضاحكاً بينما ترتعد أمي خيفة في حين أردد في نفسي لعنات على مزحه (البايخ).
أعود بالذاكرة إلى الوراء كثيراً، إلى أول مرة تلقفتنا فيه أحضان الغربة الباردة..
مدينة بيرث الاسترالية إذن، والمكان تحديداً شقة صغيرة مكونة من مطبخ خدمة ودورة مياه وحجرة واحدة بسرير مفرد وحيد، برد قارس، واجهة زجاجية كبيرة، والكثير من الطرق على أبواب الرحمة! كان المكان مخصصا لطلبة الجامعة وكان والدي في أول خطواته لنيل شهادة الدكتوراة..
تعاقب بعد ذلك تنقلنا في اكثر من منزل مستقل، ربما اثنان او ثلاثة.. لم أعد أذكر تماماً.. المهم أننا بدأنا نستقر تدريجياً وأصبحت الغربة أقل وحشة والوطن أكثر بعداً..
كانت المدينة فارغة تماما من رائحة الوطن، ليس هناك سوى الدكتور سعد، وهو طبيب من منطقة القصيم على وشك الانتهاء من دراسته وغادر هو وعائلته بعد شهور قليلة من وصولنا..
أحست ماما بغصة شديدة لدى مغادرة الدكتورة مها، زوجة سعد وربما بكت أيضاً لأنها فهمت أن عليها أن تقاسي غربتها النسائية وحيدة حتى من الاحساس بالمشاركة..
لمَ كانت الغربة تبدو كوحش كبير يبتلعنا في جوفه بينما لا نملك سوى الدعاء بأن تنقضي السنوات الطويلة سريعا؟
مضت السنوات زاحفة بنا وأصبح الوحش صغيراً ومستأنساً إلى حد بعيد خصوصا بعدما غادرنا تلك القارة النائية الصغيرة، وبعدما كان صدر الوطن منتهى حلمنا كيف تقنا اليوم للخروج من كنفه جاحدين، أم أننا كنا ذات يوم ساذجين وبسطاء؟!

لم أعد أشعر بتلك الغربة اليوم، إلا أن بعضا من غربة لازال يسكنني، وأتذكر أن شيئا من الغربة قد يفيد أيضاً، فأنا أحتاج لتجديد مفهوم الحياة بالنسبة لي، وأنا أحتاج لتجديد الهواء أيضا..
في الآونة الأخيرة لم يعد بمقدوري حتى الكتابة، ذلك المتنفس الوحيد الذي كنت أتنشق أوكسجيني من خلاله.. أتلمس الحرف كمن يلمسه لأول مرة، لا أدري من أين أكتبه وكيف أعيد تلاوته!
ها أنذا أخيراً في بيرث، مرة أخرى.. زائرة عابرة هذي المرة لا مقيمة.. أتلمس وجه المكان بحياد بالغ.. وأتوق لبيتي كما لو أني مكثت هنا دهراً..

ربما أبكرت في العودة .. ربما..