الجمعة، 8 يوليو 2011

الكرسي


The Chair, by ~princessmartini

(φ)
كم نفضت عنه الغبارَ،
كم نفضت عنه بقايا الكلامْ،
وأمنتَ عليه ظهركَ، إذ شئتَ ظهراً
يحميك من كيد اللئام

(4)
وقفتَ،
 جلستَ..
جلستَ،
مكثتَ..ولم تقم..
جلستَ أمرتَ،
جلستَ أكلتَ،
جلستّ شتمتَ،
جلستَ أدرتَ،
جلستَ سرقتَ،
جلستَ ظلمتَ،
وظننت أن الكونَ ملكك إذ جلستَ
وأن بيتك من حجرْ
ووقفت مزهواً هناكَ تحدث ذي البشرْ
إني رسول الله رشحني البشر
أمّنتكم، ورعيتكم، ووليُّ نعمتكم أنا
صدقتُ نفسي إذ ظننتُ النيل يجري في عروقي
والقدس وجع عارمٌ قد مسّ روحي
شامٌ ويمنٌ حبُ أرضها في دمي
أَعِراقُ تواقٌ أنا،
وبلاد مغربَ قبلتي وشجوني..
صدقتُ نفسي
صدقتموني،
وحين انساب النهرُ في شريانكم، أيقظتموني
وسقطتُ عن كرسيكم ..
أسقطتموني!

هلا مددتم لي يداً،
 ساعدتموني!؟

(3)
الكرسي:
من حديد أو خشب،
عمرهُ في مقعده       
إن كان معدنه أصيلاً، ربما بعض الصدأ
أو كان خشباً،
فدوائرٌ مرسومة بعناية المولى تعالى
جلّ من سوا الخشبْ
كائنٌ مفتعلٌ يروي الوصاية والسقوط أوالغضبْ

(2)
تنفض عنه الغبارَ، الطعامْ
وسوء طالع صبحك العربيّ في المذياع، في التلفاز..
في وجه جاركَ،
في تقطيبة ملحوقةٍ بيد تشير أنِ السلامْ
هو صامتٌ كرسيكَ،
 أنت الذي تعطيه معنىً، وتزيح عنه جموده أو تخرسَه..
أنفضتَ عنه غبارك، وطعام ليلتك الحزينة؟
وفتات خبزك، حزنك،   أتركتهم؟
في نشرةِ الأخبارِ،
أصداء مجزرةٍ جرت
ودموع إحداهن بين الصوت تأخذ حيزاً
والمقعد المغلوب ....
صامت..
كان معدن أو خشب!

(1)
الكرسي،
في قصةٍ قديمة، تقولُ صفحتها الأولى:
وضع البسيط رداءه، ورزق يومه فوقه،
وزوج أحذية أمامه،
في الصفحة الثانية،
اقتعد كرسياً وحيداً وابتسم
كلبه (محروسُ) نائم
لا كهرباء ولا غمائم
لا غير صرصار هناك
وأزيز حشرات تجيء ولا تغادر.
الصفحة الثالثة،
وضع الغنائمَ، وابتسمْ
صيدٌ ، لبنْ،
 ورغيف خبزٍ لا يساوره الندم
لا كهرباءَ
ولا هموم ولا شجنْ
لا ظل جلاّدٍ هناك ولا عدم

الصفحة الأخيرة،
تزوج الرجل الفقير حبيبته
تقاسم الاثنان صيد الأمس، لبن اليوم، ورغيف الهمِّ..
وأصبح الكرسيُ كرسيينِ

.. وانتهت الحكاية..
.
.
∞))
سيظل كرسي الزمان مكمما،
أنت الذي تكسوه معنى
أو تبّدله فما
من ساد في كرسيهِ،
وأبى الوقوف مكرّما،
يوماً سيُسقِطه الملا..
ويعيش في وكر الخسارة مَنْدما

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

"لن أصمت حين يسرق الجمهور" هيَ مرآتي أنا



أفراح،
مابين نصك الذي كتبتِ في السادس عشر من مارس 2011 والمُعَنوَن "مرآة مليئة بالغائبين"  في مدونتك "ثقب في اللآحد
ونصي الذي نشرت في الثالث والعشرين من يوليو، 2010 بعنوان "mirror.. mirror ، هناك تشابهٌ يدعو للعجب! حاولت أن أحسن الظن مراراً، وفي كل مرة كنت أوشك أن أكتب لكِ تعليقاً، أكفّ نفسي كي لا أسيء إليكِ، في حين أسأت أنتِ لي!

لستُ أدري حقيقة هل أشكر تعليقك في مدونتي الذي أخذني إلى هناك، أم أندم عليه!  تعليقك قادني إليكِ، فأخذت أقراُك بنهم وامتنان و بإعجاب.. أقرأ وأجد شيئاً من نفسي وآخرين منثوراً هنا وهناك معجوناً بما خُيّل إليّ أنه الصدق الممزوج بالدهشة، فأقول لنفسي "هي صدفة ولا شك!"، حتى وقعتُ على مالا يترك مجالاً لأي شك في رأس عاقل!

حاولت أن أتفهم مايحدث عادة حين نتأثر بأسلوبِ شخصٍ ما، بفكرٍه، أو فكرته، وقد
حدث سابقاً أن نُقِلت نصوص لي بكاملها دون إشارة للمصدر أو أدنى تلميح لنقلها، وحدث أيضاً أن نسبها شخصٌ لنفسه. وهذا الأمر سيءٌ جداً. لكن أن يتم أخذ نصٍ ما وتحويره وتعديله وقولبته بحيث لا يعود الماء دلالة على منبعه، فهذا أمر يفوقُ أوله دهاء وهو أشد مكراً وأذى. هذا جرم في حق الحرف وصاحبه..
نعم، إن سرقة أفكار الغير ومشاعرهم وتبني بنات أفكارهم هو أجرم من أي سرقة، وهو بنظري أسوأ أنواع السرقة الأدبية.. لماذا يا افراح؟..  لا أظن بأنك تفتقرين الموهبة أو الأسلوب حتى تفعلي ذلك، وحاولت أن ألتمس لكِ عذراً وأقول أن ذلك من تأثرك بنصي ليس إلا، ولكن هل يكون التأثر هكذا!؟  أم أن كلماتي وعبارات كاملة كتبتُها سقطت عليك من "ثقب في اللاوعي"!؟

لكني سأكتفي بوضع رابط نصي الذي أحب، نصي الذي يشبهني، نصي الذي لا أحب أن تنسب أمومته لغيري، أو تسرقُ ملامحه كي يتبنى أحدهم زرعها في وجهٍ آخر ليس وجهي..
سأضع ملامحي الأصلية، وملامحي التي سُرقت في غفلة مني، وغطتها مساحيق زينةٍ لم تزينها في شيء، علّي بذلك أبرئ ذمتي أمام الله وخلقه فلا أكون قد تحاملتُ عليكِ أو ظلمتك.

ليس هذا النص فقط يا أفراح، بل إن أكثر من نصٍ مر عليَ هناك يحملُ شيئاً من ملامحي التي أودعتها صوتي الذي أكتب، ولكن كان نصك هذا أكثرها احتفاظاً بملامحي، كأن ملامحي أرادت أنت تستنجد بي.. فإما أن أنتصر لها، أو أن أجبُنَ حرصاً على قارئٍ أحب حرفي، فتبنى شيئاً منه.. وأخيراً، فإنني قررتُ الإنتصار لحرفي لا لشخصي، وأن "لا أصمت حين يسرق الجمهور"

أشعر بالسوء لأني أفعل هذا، هو أمر اضطررت إليه فهل تراني أبالغ في ردة فعلي؟ يستطيع كل من يحب لغته وحرفه إلى حد التوحد أن يتفهم كيف أشعر..


كتبتُ:
ترقبنا المرايا من خلفنا،
وحدها المرآة) ترانا هكذا).
وحدها تقهقه،أما أنا فأبكي

وكتبت أفراح:
يخدش المرآيا التي كبرت يوماً بعد يوم حتى أصبحت مثل الجدار ،تراقب مشيتي الغير متزنة وتسخر أما أنا فأبكي 
.......

ملامحي التي أحمل:
في مدينة الألعاب، كنت الوحيدة التي تخرج من غرفة المرايا السحرية فزعة. لم يكن يروق لي النظر إلى أناس لايشبهونني ويفترض الجميع أنهم (أنا)! لم يكن لدي أي شك بأن المرايا مسكونة بأشباح تتقمص أشكالا تشبهني قليلاً وتفزعني الأكثر! لم يكن ذلك بالأمر المضحك أبداً..

من ملامحي التي حملتها أفراح:
 في الممرات كنت الوحيدة التي تسير من أمام المرآيا المعلقة فزعة،لم يكن يروقني أبداً أن أرى أناس لا تشبهني،بينما الجميع يفترض بأنها أنا.المرآيا لا تعكس صوري الحقيقة هذا ليس بالأمر المحتمل دائماً.
........

أنا:
انتظر بصمت ريثما تتنكر، تخنقني المرايا. أحاول فتح الباب فيلتوي مفتاح أحداهن -العالق في الباب- في يدي ليذوب ويصبح مادة صالحة للتشكيل، فيما تصرخ إحداهن تلك حين تكتشف عطب مفتاحها بفعل قوى خفية لم تكن إلا يدي!
أفراح:
خنقتني المرآيا..... ،وفيما ظللت أراقب اللآحد وهو يذوب في هواء المكان وفيما كنت أنوي الخروج وراءه أكتشفت في تلك اللحظة أن المفتاح يلتوي في الباب ليصبح عالقاً في داخلي بالأضافة إلى أكتشفي الأخير فقد أختفت المرآيا وأختفت الوجوه .
.........

أنا:   فقط يأتون ليقفوا خلفي، تباعاً، ....هناك، حتى تكتظ المرآة بهم،...برغم الصمت اللامتناهي 
أفراح:  ازدحمت المرآة بالغائبين،كانوا يقفون خلفي تماماً ويلتزمون الصمت الجارح
.........

أنا :
توالت عليها الوجوه والملامح :
الوجه الطفولي ذو النظرة الحاقدة، الوجه الحاقد ذو العين الحاقدة، الوجه اللطيف والملامح الهادئة، الوجه الباحث عن تجعيدة خجولة، الوجه الذي لا يستطيع الضحك إلا بصعوبة، الوجه المتشنج، الوجه الذي يلعن كل ماحوله، الوجه المتساقط ندفاً، الوجه الذي يقطر نفسه من نافذتين، والوجه الذي يخونها كل مرة، (يخونها يخونها ويمعن في الخيانة)، والوجه الوهمي الذي يقابل وجهها تماما على وسادة ليلية مؤخراً..


أفراح:
في مرآتي رأيت صور متباينة،كان هناك الوجه الهادئ صاحب النظرة الحاقدة،والوجه الخجول الباحث عن إبتسامة فعالة،الوجه الذي لايغضب بسهولة،الوجه الشامت،الوجه الممعن في التجاهل،الوجه الساخط على كل شيء وعلى كل من حوله،الوجه الوهمي الذي صاحبني موخراً.
.... ......
أنا:
المهم أن المرآة كانت قبيلة من الوجوه وكانت حافلة بما يشبه ألم الصدر.. على قدر الوجوه يزيد الألم، ولم يكن ينقص كي ينفضّ الجمع إلا أن تجمّد المرآة الصورة الحاشدة، تختزنها. لكن المرآة جاحدة، تتركنا في كل مرة، -أنا وقبيلة الوجوه البائدة- ننصرف أخيراً في اتجاهاتنا المختلفة دون أن تختزلنا في إطارها البلا إطار!

أفراح:
وفي الداخل كنت شاهدة على الأوجه التي ظهرت في مرآتي وعلى نحو مفاجئ،لم أعرف مين بدأت المرآة ولا من أين ينتهي الحائط،شاهدة على اللآحد الذي يجلس في الزاوية ،لم يراه أحد سواي في ذلك الوقت.كنت الوحيدة التي أدركت بأنها لا ترى مثل البقية ...... ،ولن أبلغ أن قلت بأن المرآة ازدحمت بالكثير من الصور ،حتى أن بعضها خرج عن الإطار.
..........
أنا:
 حتى (عبده الأعمى) صديق الجن، ذاك الذي لم أره يوماً ويمشي بنصف ابتسامة، كان لايبتسم ورائي، 

أفراح:
 كان هناك وجه يبتسم لي بنصف فمه ويلوح لي من بعيد
........

أنا:
المربية (محبوبة) التي لم أنس ملامحها أبداً...وصديقتي التي لم تعد صديقتي كانت أيضا تحاول الظهور في الصورة ...، (تقف على أطراف قدميها ترتدي حذاء البالرينا التي كانت ترتديه آ خر مرة رأيتها)، تمد قامتها كي ينتأ رأسها قليلا فتصبح جزءا من الصورة في المرآة، (فيما تبوء محاولاتي بتغطية صورتها في المرآة بإبهامي بالفشل)! 

أفراح:
 لم يكن قصيراً لكنه اضطر إلى رفع قدميه حتى يظهر في الصورة،لم أنسى ملامحه ومع ذلك،وضعت يدي المرآة أمنع صورته من الظهور،عبثاً كنت أحاول فقد ذاب الوجه في يدي وأصبح قابلاً لتشكيل
......
أنا:
كان البعض يتلامس رأساً برأس أو كتفاً بكتف.....
لكن بعضهم -أكاد أقسم أيماناً مغلظة- كانوا يصعدون للأعلى! نعم للأعلى "وششش" هكذا! كما هو الحال مع جدي، والعم أحمد. في كل مرةٍ كان يمتد شعاع، فيسحبهم للأعلى، تغشاهم الابتسامة الوقورة ذاتها ويبقى مكانهم أبداً خالياً جداً.
أفراح:
كان البعض يذوب في الهواء،ويستحل مكانهم إلى فراغ قاسي، تصل يدي إليهم قبل الموت ويموتون قبل وصول الحياة،والبعض الآخر يلامس كتفي ومن ثم يعرج في مرآتي المصقولة دون أن يقول شيئاً،وحدها مرآتي تعرف وجهتهم التالية.
........


سأكتفي بهذا القدر، وأقول لك يا أفراح: لكِ أن تكبري بقدر ما تحلمين، وتمتد قامتك وقامة كلماتك لتطاول عنان السماء، لكن رجاءً، لا تتسلقي كتفي وأكتاف الآخرين، فلدينا من الأعباء والأحمال مايكفي.. نحمل ثقل حروفنا، أوجاعنا، لكن لا يتسع الكتف لحمل أكثر من ذلك، ولا يتسع القلب لمزيد من عتب.

وبالرغم من كل ذلك، فإني أعتذر عن وخزة الصدر التي سأسببها لك، و "لألم الصدر" الذي سببتِه أنتِ لي، ولـ "الندم" الذي كتبتِ عنه..