الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

هُم العيد




سأكتب اليوم لأني حزينة، ولأنني راغبة في أن أتحدث عنهم، عن مشاكساتنا اللذيذة، عن الأيام القليلة من رمضان التي قضيناها بينهم، عن تحلقنا حول المائدة، عن الصلوات، عن عيدي كم كان عيداً بهم، وعن كل التفاصيل الصغيرة التي يختلف طعمها تماماً بدونهم.
كنت أخطو نحو بوابة المطار تحت شمس الثانية عشر الساخنة..
وكنت أتساءل كم شمس مضت بنا دون أن نشعر، وكم عيداً قد يمر دون أن يجمعنا معاً، وكم من الشوق سيمضي قبل أن أقبّل الفرح في كف جدتي مرة أخرى.
كنت في خطواتي نحو الطائرة أتساءل كيف لم أفعل أي شيء لأبقى أكثر! فقط حزمت حقائبي، وضبت أمتعتي ووجهت وجهي صوب المدينة لأخطو خطواتي الحزينة هذه الى هنا حيث يخلو المكان من ضحكاتهم وأصواتهم الصاخبة. هنا، حيث نكون "نحن" فقط ولا يكونون "هم".
أما خلفي فكنت أترك قبيلة كرهتها يوماً واليوم أحبها أكثر، أحبها لأنني منها ولأنهم مني ولأن العائلة حقاً "عزوة" كما يقولون. أحبهم لأنهم حتى وان ضايقوني أحيانا، أعلم أنهم يحبونني ليس لمجرد أن دماً ما يجمع بيننا أو أن جداً عظيماً ترك لنا اسماً نقتسم تاريخه بالتساوي ونباهي به القرية والمدينة معاً.. لا يهم، المهم أن عصفورة تحبهم عادت تسكن قلبي كما كنت طفلة. الأهم، أني سأرعاها دوماً. هكذا قررت.
ذاك الصباح، يوقظني الحزن على شمس مزعجة تتسلل من خروق الستاره وحبات من العرق على جبين ظل يصارع رأسه النوم لساعات. لم يكن الوقت الأمثل للمغادرة، لكني أقرر لاحقاً أنه لم يكن الأسوأ حتماً. هذه المرة، لم يكن بوسعي أن أخفي حزني عنهم إذاما تلامسنا و توسد رأسي أكتافهم في عناق حميم. هكذا كان بوسعي أن أعود طفلة تقف عند باب موارب على أطراف قدميها لتطل بنصف حزن على رفاق لم يستيقظوا بعد.
ألملم حزني وأغادر سريعاً بعدما أودع ورقة صفراء مرآةً ما لتداعب وجوههم الصباحية الجميلة أخبرهم بها باختصار كم سأشتاق لهم ولا يسعني الوقت ولا المساحة أن أخبرهم بأني سأشتاق لسمك خالتي المشوي ولفطائرها المقلية، لرائحة الفحم في التنور وأصابع ورق العنب، لعصير الرمان، لحنان صوتها ولرائحة الطيب في شعرها..
ورقة صغيرة فقط، لم تكفي لأخبرهم كم سأشتاق للعصريات و لحناء أيديهم، لوقع خطواتهم على درجات السلّم، وحتى لبرودة التكييف كما يحبون.
كانت مجرد ورقة صغيرة سخيفة لم تقل ما أردت قوله، ووجه باسم ظريف، أخبئ خلفه عينين دامعتين وحباً لست أدري كم سيكبر بعد.
لكلكم،
كم كان عيدي عيداً بكم
لكلكم أيضاً،
أ ح ب ك م

هناك 4 تعليقات:

روان جمال يقول...

جميلة قيثارتك ...
وجميل هذا العزف ...
حبهم في قلبك خالد ..
لذا أنتي تحمليهم معك الى اي ماتذهبين ...
دومي لهم وفيه يا طيبه ..

Gardi يقول...

شكرا لكِ عزيزتي روان

أسعدني مرورك ^_^

صفاء الدغيشي يقول...

سيأتي عيدٌ آخر
وأنتِ هناك
مُري على الغياب
ليجلب لنا حضوراً أنيقاً
ودعينا نسمع صوت رئتيكِ

: )

Gardi يقول...

صفاء،

يجيئون بعد الغياب ويجيء الغياب بهم، بكل تفاصيلهم.
و غداً عيد أجمل مافيه وجودهم فيه

شكراً لحضورك الأنيق :)